قصة كأس .. الأرجنتين تحرز لقبها الأول (11/21)

كأس العالم محطة ثابتة كل أربع سنوات، شهر من كرة قدم يأسر قلوب مئات الملايين، سواء كانوا من الشغوفين باللعبة أم لا. بطولة كانت في نسخها الأولى مجرد تجمعات بسيطة رفض البعض المشاركة فيها، لينقلب المشهد بعدها، الدول تتسابق لإستضافة العرس الكروي، الذي تجاوز في  كثير من الأحيان طابعه الرياضي منه الى السياسة والإقتصاد. كثيرة هي الأحداث والمحطات التي مرت بها البطولة قبل أن تصل الينا بشكلها الحالي فأليكم  ” قصة كأس ” و (سجل الأبطال) للنسخ الـ 21 التي لُعبت حتى الآن.

48 هي الأعوام التي إنتظرتها الأرجنتين لتنظيم كأس العالم على أراضيها، في ظل معارضة دولية كبيرة من دول ونجوم عالميين وعلى رأسهم الهولندي يوهان كرويف، الذين رفضوا المشاركة اعتراضاً على الانقلاب العسكري في البلاد والذي سبق البطولة.

أثّرت الأجواء المضطربة داخل الأرجنتين على التحضيرات لتنظيم البطولة فتأخرت مواعيد تسليم المنشآت والمرافق في الموعد المحدّد لدرجة أن الفيفا كان يتجه لإقامة البطولة في إسبانيا، لكن الحكومة الجديدة كثّفت جهودها لإنجاز المطلوب ونجحت بإبقاء النخسة  في قارة أميركا الجنوبية.

أقيمت البطولة من 1-25 يونيو من عام 1978، على ستة ملاعب موزّعة على خمس مدن، لعبت 38 مباراة سجّل فيها 102 هدفاً ما يعادل 2.68 هدفاً في المباراة الواحدة. تم رفع ثلاث بطاقات حمراء و 65 بطاقة صفراء خلال البطولة.

أعتمد نفس نظام بطولة عام 1974 في ألمانيا الغربية التي غاب عنها فرانز بيكنباور وغيرد مولر، وكذلك وصيف بطل كأس العالم 1974 المنتخب الهولندي افتقد لاعبه كرويف لأسباب سياسيّة، لتتجه الأنظار  إلى العديد من اللاعبين الجدد مثل كارل هاينز رومينيغي (ألمانيا الغربية) وروبرتو بيتيغا (إيطاليا) وريفيلينو (البرازيل) وميشيل بلاتيني (فرنسا) وماريو كيمبس (الأرجنتين).

المباراة الافتتاحية بين ألمانيا الغربية وبولندا كانت رابع مباراة افتتاحية لكأس العالم على التوالي تنتهي بنتيجة بالتعادل السلبي.

ضمن منافسات المجموعة الأولى،حقق المنتخب الإيطالي ثلاث انتصارات في ثلاث مباريات، وتصدّر المجموعة متقدّمًا على المنتخب الأرجنتيني الذي احتلّ المركز الثاني بانتصارين وخسارة، وحلّت فرنسا والمجر في المركز الثالث والرابع على التوالي.

في المجموعة الثانية، لم يتأهّل المنتخب التونسي إلى الدور المقبل رغم أدائه البطولي في المجموعة التي ضمّت بطلة العالم (ألمانيا الغربية) وصاحبة المركز الثالث في النسخة السابقة (بولندا)، واكتفى بالمركز الثالث بفوز وتعادل وخسارة. أما في المجموعة الثالثة، فقد حققت البرازيل والنمسا أربع نقاط، الأولى فازت في مباراة واحدة وتعادلت في المباراتين الأخريين، والثانية فازت مرتين وخسرت في مباراة واحدة، وخرجت إسبانيا والسويد.

بعد نسخة 1978 إرتفع عدد المنتخبات المشاركة من 16 الى 24 اعتباراً من 1982

في المجموعة الرابعة، لم يقدّم المنتخب الهولندي أداءً جيّدًا متأثرّا بغياب نجمه الأول يوهان كرويف، لكنه حقّق الأهم، وتأهّل بفارق الأهداف بعدما تلقّت شباكه أهداف أقل من المنتخب الاسكتلندي الذي حلّ في المركز الثالث، وتأهّلت البيرو بعد تصدّرها، وخرجت إيران بعد أوّل مشاركة لها في كأس العالم. في منافسات المرحلة الثانية، ضمّت المجموعة الأولى منتخبات هولندا والنمسا وإيطاليا وألمانيا الغربية، وضمت المجموعة الثانية الأرجنتين والبرازيل وبولندا والبيرو.

تأهلت هولندا عن مجموعتها بفوزها على النمسا بخمسة أهداف لهدف، والتعادل مع ألمانيا الغربية، وفازت في المباراة الثالثة والحاسمة على إيطاليا بهدفين لهدف. أما المجموعة الثانية، فتصدّرتها الأرجنتين على حساب البرازيل ومع أن كلا الفريقين حصل على نفس عدد النقاط، إلا أن الأرجنتين تفوّقت في عدد الأهداف.

شهدت البطولة الكثير من الجدل، فكان المنتخب الأرجنتيني يلعب مبارياته ليلاً، بعد جميع المنتخبات لمعرفة نتائج الآخرين، فبعد فوز البرازيل على بولندا 3-1، اضطرت الأرجنتين للفوز  6-0 في مباراتها المثيرة أمام بيرو في ظل شكوك حول وجود تلاعب في النتيجة ورشى للاعبي المنتخب البيروفي، ومساومة الحكومة البيروفية على محكومين لدى الأرجنتين للإفراج عنهم وإعادتهم إلى بيرو.

للنسخة الثانية على التوالي، وصلت هولندا الى النهائي لتقابل الأرجنتين ، افتتح أصحاب الأرض التسجيل عند الدقيقة الثامنة والثلاثين عبر ماريو كيمبس الذي استغلّ التموقع السيّء لمدافعي هولندا، وليتسلّل بينهما ويسدّد كرة أرضية مرت من أسفل الحارس يان يونغبلويد. في الدقيقة الثانية والثمانين، تلقى ديك نانينغا عرضيّة ترجمها إلى هدف برأسيّة قويّة منهيا الوقت الأصلي بالتعادل الإيجابي، لتتّجه المباراة إلى الأشواط الإضافية.

في الدقيقة الأخيرة من الشوط الإضافي الأول، وبمجهود رائع من ماريو كيمبس، تقدّمت الأرجنتين مرة أخرى في المباراة، ثم عززت الأرجنتين تقدمها بعد مجهود من كيمبس الذي اخترق الدفاعات الهولندية عند الدقيقة العاشرة من الشوط الإضافي الثاني ومرّر كرة لزميله دانييل بيرتوني حوّلها إلى هدف ثالث انتهى به الأمور لتتوج الأرجنتين بأول القابها العالمية ولتتواصل العقدة الهولندية في المباراة النهائية لبطولات العالم.