طوكيو تطلق حملة “عام على الأولمبياد”

دخلت طوكيو الأربعاء المحطّة الأخيرة من استعداداتها الأولمبيّة الماراتونيّة، مع بدء العد التنازلي النهائي لاستضافتها الألعاب الأولمبيّة الصيفيّة بعد عام من اليوم بالتمام والكمال، مع وعد من المسؤولين بحدث عالي التقنيّة وصديق للبيئة.

وجابه المنظّمون كلّ شيء، من المخاوف بشأن الحرارة الحارقة إلى الأسئلة المستمرّة حول تكلفة الألعاب وكيف فازت طوكيو بحقّ استضافة الألعاب التي تقام كلّ أربعة أعوام.

لكن مع بدء العد التنازلي النهائي، ركّز اليابانيون على الترويج للتقدّم السريع الذي حقّقوه في بناء المنشآت، متعهّدين في الوقت ذاته بألعاب ستكون “نقطة انطلاق لإنشاء طوكيو جديدة”.

وأشاد رئيس اللجنة الأولمبيّة الدولية الألماني توماس باخ بما تحقّق من عمل في العاصمة اليابانية، بالقول الأربعاء خلال حفل بدء العد التنازلي “يمكنني حقاً أن أقول بأني لم أر يوماً مدينة أولمبيّة مستعدّة (للاستضافة) بقدر طوكيو، قبل عام واحد على انطلاق الألعاب الأولمبية”.

ورأى باخ أن “جميع العناصر التي تصنع ألعاب أولمبية رائعة، موجودة حقاً”، متوقعاً “تجربة مدهشة” للرياضيين.

وقال جون كوتس، رئيس هيئة التنسيق في اللجنة الأولمبية الدوليّة، الثلاثاء “قبل عام واحد على الانطلاق، ترتفع هنا وتيرة الإثارة”، مشيراً إلى أن مبيعات التذاكر والطلبات “غير المسبوقة” التي قدّمها 200 ألف شخص لشغل 80 ألف وظيفة فقط مخصّصة للمتطوّعين، قد أظهرت حجم الحماس لاستضافة ألعاب 2020.

وأشاد باستعدادات طوكيو مع بدء السباق نحو خط بداية الألعاب، مؤكّدا “نحن مسرورون للغاية لأن تسليم الألعاب (من منشآت وبنى تحتيّة وتحضيرات لوجستيّة) لا يزال بثبات على الطريق الصحيح”.

ومن جهته، رأى رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي قبل التسليم الرمزي للدعوات إلى اللجان الأولمبية الوطنية، أن “الأعوام الستة التي انقضت منذ اختيار طوكيو، قد مرت بسرعة، لكني سعيد لأن الاستعدادات تمت بسلاسة كبيرة”.

وتم الانتهاء من الأعمال في نصف المنشآت الدائمة الجديدة، في وقت يؤكّد المنظّمون أن بناء الباقي على المسار الصحيح.

وتزامنا مع بدء العد التنازلي، نظّمت فاعليّات تتيح للسكان تجربة الرياضة الأولمبية، على غرار إبن الـ12 عاماً يوكيمازا ناكاهارا الذي وقف مع والدته في الطابور منذ الخامسة والنصف صباحا من أجل الحصول على فرصة تجربة رمي كرة البيسبول.

وقال ناكاهارا وعلى رأسه قبعة بيسبول “اعتقدنا أنه كل ما أبكرنا كل ما كان أفضل. أتطلع بفارغ الصبر للأولمبياد… لقد فزنا بتذاكر لمباراة في البيسبول على الميدالية البرونزية (المركز الثالث)”.

في الوقت الذي أدّى فيه الطقس المعتدل هذا الصيف الى تهدئة المخاوف التي أثارتها موجة حارة قاتلة العام الماضي، يقول المنظمون أنهم وضعوا مجموعة من تدابير السلامة في حال ارتفاع درجات الحرارة.

وستبدأ اختبارات هذا التدابير، مثل المراوح المرطِبة، اعتباراً من الأسبوع الحالي في حدث تجريبي ضمن لعبة كرة الطائرة الشاطئية.

ومع بدء العد التنازلي، كثّف المنظّمون من جهودهم لترويج الألعاب كاستعراض للقدرات التقنيّة العالية لليابان التي تراجعت سمعتها كمبدع صناعي منذ المرة الأخيرة التي استضافت فيها الألعاب في طوكيو عام 1964، عندما أبهرت العالم بقطاراتها الفائقة السرعة.

لكن الحكومة والشركات تأمل في إبهار الزوار بكل شيء بدءا من وسائل النقل بدون سائق الى المطار والروبوتات المضيافة.

– الشعلة تنطلق من فوكوشيما وتمر بأوكيناوا

وتعاونت الجهات المنظمة مع اثنين من روّاد الفضاء اليابانيين سيبعثان برسائل دعم من محطة الفضاء الدولية لأولئك الذين سيحملون الشعلة الأولمبية عبر البلاد.

وكشف في آذار/مارس الماضي عن تصميم الشعلة الأولمبيّة المستوحى من تفتح أزهار شجر الكرز الذي تشتهر به العاصمة اليابانية مع بدء فصل الربيع.

والجزء العلوي من الشعلة ذات اللون الذهبي الزهري اللماع، مشابها لأزهار شجر الكرز. ويبلغ طول الشعلة 71 سنتم ووزنها 1,2 كلغ، وهي صنعت من مخلفات الألومنيوم المستخدم لبناء منازل موقتة لضحايا الزلزال والتسونامي اللذين ضربا البلاد في العام 2011.

وقال مصمّم الشعلة توكوجين يوشيوكا “أزهار أشجار الكرز التي رسمها أطفال في المنطقة المتضررة (فوكوشيما) كانت مصدر إلهام بالنسبة إلي”.

ومن المقرّر أن تصل الشعلة الى طوكيو في 10 تموز/يوليو، قبل أسبوعين من انطلاق الألعاب (24 تموز/يوليو- 9 آب/أغسطس).

وتنطلق مسيرة الشعلة من فوكوشيما التي تعرّضت الى زلزال قوي وتسونامي في آذار/مارس 2011، ما تسبب بأضرار هائلة في مفاعلها النووي ووقوع أسوأ كارثة نووية في العالم منذ تشرنوبيل 1986.

وأدّى الزلزال وموجة المدّ العاتية التي تلته، الى وفاة نحو 18 ألف شخص. ولم يتمكّن نحو 50 ألف شخص من العودة لمناطقهم حتى الآن.

وستمرّ الشعلة أيضا بجزيرة أوكيناوا التي شكلت نقطة انطلاق رحلتها لدى استضافة العاصمة اليابانية الأولمبياد عام 1964.

وترغب اليابان في أن تكون الألعاب المقبلة “أولمبياد إعادة البناء”، وتظهر من خلالها التقدم الحاصل في المناطق التي تضررت جراء كارثة 2011، كما تريدها أن تكون الألعاب “الأكثر استدامة على الإطلاق” من خلال صنع كل شيء، من الميداليات الى منصات التتويج، من المواد المعاد تدويرها.

لكن عمليّة الاستضافة لم تكن سلسة بأكملها، حيث كانت هناك أسئلة مستمرّة حول تكلفة الألعاب على الرغم من أن المنظمين خفضوها بأكثر من 4 مليارات دولار.

وفي نسختهم الأخيرة من ميزانية الألعاب التي صدرت في كانون الأول/ديسمبر 2018، كشف المنطمون بأن التكلفة ستبلغ 1,35 تريليون ين (12,1 مليار دولار)، وهو رقم لم يتغير منذ عام 2017.

– تهافت على التذاكر –

وواجه المنظّمون أيضا سلسلة من الأحداث الجانبية المحرجة، بما في ذلك استقالة وزير الألعاب الأولمبية في نيسان/أبريل الماضي بعد سلسلة من الأخطاء.

وجاء ذلك بعد شهر واحد فقط من إعلان رئيس اللجنة الأولمبية اليابانية تسونكازو تاكيدا بأنه سيتنحى عن منصبه في وقت يدقق المحققون الفرنسيون بالمبالغ المدفوعة قبل حصول طوكيو على ألعاب 2020.

يبدو أن هذه السُحُب لم تؤثر كثيرا على حماس الإقبال على الألعاب، أقلّه في اليابان.

وقال المنظّمون أن أكثر من 7,5 مليون مقيم تسجلوا في السحب المخصص لشراء التذاكر خلال جولة المبيع الأولى في تموز/يوليو.

وكان الطلب مرتفعا إلى حد أنه تم تمديد فترة التسجيل، وسيجري المنظمون متابعة في آب/أغسطس لأولئك الذين لم يحالفهم الحظ في الجولة الأولى.

المصدر: وكالات

ذات صلة