عدنان الشرقي أيقونة كرة القدم اللبنانية قبل الحرب الأهلية وبعدها
ترتبط لعبة كرة القدم في لبنان على نحو وثيق باسم المدرب الراحل عدنان الشرقي، وهو صاحب الصولات والجولات في ملاعبها لعقود، فلا يمكن ذكر إسم نادي الانصار دون الالتفات الى أحد أهم وأبرز رجالاته فنياً وإدارياً.
كان العقل المفكر والمدرب الذي صقل العديد من النجوم المحليين في سلسلة تاريخية لنادي الانصار في تسعينيات القرن الماضي.
مع استعادة الكرة اللبنانية نشاطها بعد توقّف طويل بسبب الحرب الأهلية (1975-1990)، بنى الشرقي الجيل الذهبي للنادي الأخضر، وقاده للهيمنة على اللعبة محلياً طوال 11 موسماً متتالياً بين 1988 و1999 ليدخله الى موسوعة غينيس العالمية.
كان عبد الفتاح شهاب، عصام قبيسي، نور الجمل، علي فقيه، فادي علوش، محمد مسلماني، الفلسطيني عمر إدلبي وجمال طه أبرز نجوم الفريق والمنتخب اللبناني في تلك الحقبة، كما أشرف الشرقي على تدريب “رجال الأرز” في التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العام 1994.
مطلع العام الحالي، أدخل الشرقي إلى المستشفى أكثر من مرّة، نتيجة معاناته من مرض عضال. توقّف قلبه الثلاثاء وأغمض عينيه بعدما زاره العديد من الأصدقاء دون أن يعرف بقدومهم للاطمئنان على صحته.
رحل عدنان الشرقي تاركاً إرثاً رياضياً كبيراً، سواء على المستوى اللبناني أو نادي الأنصار الذي أهداه هذا العام لقبي الدوري والكأس اللذين أحرزهما خلال تواجده في المستشفى قيد العلاج في أيار/مايو الماضي.
ويجتهد الوسط الأنصاري بغية إطلاق اسمه على الملعب البلدي حيث أوصى أن تقام مراسم دفنه، في سياق ردّ الجميل لصاحب البصمات في تحقيق إنجازات النادي الأخضر.
– شعر ورسم وموسيقى -وُلد عدنان مكداش في عام 1941 ولُقّب بـ “الشرقي” تيمناً بأخيه الأكبر مُنير الذي كان يحمل الكنية نفسها عندما كان لاعباً. نشأ في جو رياضي في منطقة “الطريق الجديدة” في بيروت، على مقربة من صرح مدينة كميل شمعون الرياضية.
استهل مسيرته لاعباً مع فريق الأنصار إلى جانب فريق مدرسة “البر والإحسان” البيروتية العريقة حيث تعرّف إلى صديقه رهيف علامة، فعملا سوياً مع الأنصار قبل أن يصبح علامة لاحقاً الرجل القوي في الاتحاد المحلي في منصب الأمين العام لفترة طويلة.
في السادسة عشرة من عمره، أضحى عنصراً أساسياً في تشكيلة الأنصار ومدرباً لفريق الأشبال في الوقت عينه.
وقبل أن يتمّ الثامنة عشرة، نال شهادة في التدريب من قطاع الشباب والرياضة في الجامعة العربية في القاهرة، وفي ضوء تألقه، اختير ليكون أول لاعب في عداد المنتخب اللبناني من فرق الدرجة الثانية.
الشرقي الذي لعب مع النجمة لأشهر قليلة في 1968، حمل أيضاً ألوان الأولمبي السكندري المصري (1967)، ثم عاد الى الأنصار ليباشر رحلته الحقيقية مع النادي كلاعب ومدرّب في آن واحد.
بقي في صفوفه 38 عاماً، حصد خلالها لقب الدوري اللبناني 11 مرة وكأس لبنان 12 مرة.
كان الشرقي، هاوي متابعة الخطط الفرنسية وأحد وجوه الصحافة الرياضية، يدخر مصروفه من أجل السفر للمعايشة في أبرز اندية كرة القدم الأوروبية على حسابه الشخصي، من أجل تحقيق حلمه بأن يصبح مدرّباً لكرة القدم.
أبرز تلك المعايشات كانت مع أرسنال الانكليزي وأياكس أمستردام الهولندي وميلان الإيطالي وبرشلونة الاسباني، فضلاً عن خوضه تجارب أخرى في مصر في السبعينيات واشهرها تحت إشراف المدرب المجري الشهير ناندور هيديكوتي.
التحق لفترة في كلية التربية الرياضيّة في جامعة حلوان بالقاهرة (1965)، إلا أنه استمر لعام واحد قبل أن يضطر للعودة الى بيروت بعد وفاة والده.
على الصعيد الشخصي، لطالما نبذ الشرقي إدخال الوسط الرياضي وخصوصاً لعبة كرة القدم في الدهاليز الطائفية والمذهبية، وأكد في العديد من المقابلات أن لبنان “يمتلك المهارات واللياقة البدنيّة والبنية الجسمانية الجيدة، فيما يفتقد الى الإمكانات والاستقرار”.
قضى سنواته الأخيرة في القراءة ولا سيما الشعر، فضلاً عن عشقه للرسم والموسيقى، ويراها “ليست بعيدة عن كرة القدم لأنها تحتوي على الإبداع والفن”.
المصدر: أحمد محي الدين - وكالة الصحافة الفرنسية