البرازيل تمحو خيبات الماضي وتبني للمستقبل

وضع المنتخب البرازيلي خلفه مذلة بيلو هوريزونتي 2014 حين مني بهزيمة تاريخية أمام غريمه الألماني 1-7 في نصف نهائي “موندياله”، وذلك بإحرازه لقب كوبا أميركا 2019 بين جماهيره بفوزه الأحد على البيرو 3-1 على ملعب “ماراكانا” الأسطوري في ريو دي جانيرو وذلك رغم غياب نجمه نيمار.

وفي طريقه إلى اللقب الأول له على الإطلاق منذ 12 عاما، وتحديدا منذ 2007 حين توّج بطلا لكوبا أميركا بالذات، مرّ المنتخب البرازيلي بالملعب المشؤوم “استاديو مينيراو” في بيلو هوريزونتي الذي كان شاهدا على سقوطه التاريخي قبل 5 أعوام، لكنه نجح هذه المرة في التعويض بأفضل طريقة من خلال الفوز على غريمه التاريخي المنتخب الأرجنتيني 2-صفر في نصف النهائي.

وجاء التتويج التاسع للبرازيل بلقب كوبا أميركا، بينها خمسة من أصل خمس نسخ استضافتها على أرضها، بغياب نجمها نيمار الذي غاب عن “سيليساو” بسبب إصابة في كاحله تعرض لها قبيل البطولة خلال مباراة ودية ضد قطر.

وخلافا لمونديال 2014 حين غاب نيمار عن نصف النهائي ضد ألمانيا ثم مباراة المركز الثالث التي خسرتها بلاده ضد هولندا بثلاثية نظيفة بسبب إصابة تعرض لها في ربع النهائي ضد كولومبيا، لم يتأثّر “سيليساو” بافتقاده لخدمات نجم باريس سان جيرمان الفرنسي وقدم أداء جماعيا بمزيج من لاعبي الخبرة والشباب.

وكشف حارس ليفربول الإنكليزي أليسون بعد الفوز على البيرو في النهائي أنه “دون نيمار، كان الوضع معقدا لأنه لاعب موهوب جدا يقدم الكثير للفريق. كان من المهم جدا أن نفوز من أجل المجموعة”.

واعتبر الحارس المتوّج الموسم الماضي بلقب دوري أبطال أوروبا أنه “في بعض الأحيان، كل الأضواء تكون مسلطة عليه ونبقى نحن جانبا، لكن الجميع يقدره. أنا متأكّد بأنه سيتعافى وسيمنحنا (بعودته) المزيد من القوّة”.

وفي شوارع البرازيل، احتفل المشجّعون بهذا اللقب الذي توّج به منتخب بلادهم “دون نيمار”، ومن ساو باولو عبرت إيلاين فييرا بيسوا دي سوزا (43 عاما) عن فرحتها لوكالة فرانس برس بالقول “نحن الأبطال مرة أخرى! والأفضل، أن الأمر تحقّق دونه (نيمار). هذه هي البرازيل، بغض النظر من يلعب”.

وسبق لمدرب المنتخب تيتي أن قال قبيل البطولة بأنه “لا غنى عن نيمار في ما يتعلّق بنوعيّة لعب المنتخب البرازيلي، لكن بالإمكان تعويضه”.

ومن المؤكّد أن وجود نيمار في الاستحقاقات المقبلة، لاسيما مونديال قطر 2022، سيكون مصيريا للمنتخب البرازيلي الذي شكل تتويجه القاري خطوة هامة في البناء للمستقبل، على أمل محو الفترة السوداء التي مر بها أبطال العالم خمس مرات منذ إحرازهم لقبهم القاري الأخير عام 2007، حيث خرجوا من ربع نهائي مونديالي 2010 و2018 ونصف نهائي 2014، وربع نهائي كوبا أميركا في نسختي 2011 و2015 ومن الدور الأول للبطولة القارية عام 2016 في ذكراها المئوية.
مستقبل مشرق مع إيفرتون وجيزوس

لكن كوبا أميركا 2019، أظهرت بأن البرازيل تملك الخيارات اللازمة لتعويض لاعب من طراز نيمار الذي سجّل 60 هدفا بقميص المنتخب في 97 مباراة.

وانتظر البرازيليون أن يكون دافيد نيريس مفتاح المنتخب بعد الموسم الرائع الذي قدّمه مع أياكس أمستردام الهولندي، لكن إيفرتون هو من خطف الأضواء من الجميع على الرغم من أن الجناح الشاب (23 عاما) هو اللاعب الوحيد في التشكيلة الأساسية الذي يلعب في الدوري المحلي حيث يدافع عن ألوان غريميو.

وأنهى إيفرتون الذي يتميّز بمراوغاته، البطولة القارية كأفضل هداف مشاركة مع البيروفي باولو غيريرو بتسجيله ثلاثة أهداف، أهمها الهدف الذي مهد به الطريق لمنتخب بلاده من أجل الفوز باللقب في الدقيقة 15 من المباراة النهائية.

وهناك نجم آخر كان مؤثّرا جدا هو لاعب مانشستر سيتي الإنكليزي غابريال جيزوس الذي، وعلى غرار إيفرتون، بدأ البطولة القارية من مقاعد البدلاء قبل أن يفرض نفسه أساسيا لا غنى عنه منذ مباراة الجولة الأخيرة من دور المجموعات ضد البيرو بالذات (5-صفر).

ورغم أعوامه الـ22، خلق جيزوس الفارق بالنسبة لبلاده، بتسجيله هدفا مع تمريرة حاسمة في مباراة نصف النهائي ضد الأرجنتين، ثم كرر الأمر ذاته في النهائي بتسجيله الهدف الثاني وتمريره كرة الهدف الأول لإيفرتون، قبل أن تنتهي مشاركته ببطاقة حمراء نتيجة نيله إنذارين، دون أن يكون لذلك عواقب وخيمة على البلد المضيف.

إيجاد من يعوض سيلفا وألفيش

وإذا كان الشباب عنوان القوّة الهجومية للبرازيل، فإن خط الوسط مزيج بين الخبرة التي يؤمنها كاسيميرو وفيليبي كوتينيو (كلاهما 27 عاما)، والشباب المتمثل بآرثر (22 عاما).

بالنسبة لتيتي، الخطّ الأهم الذي يجب التركيز عليه للمستقبل هو الدفاع الذي كان مفتاح نجاح المنتخب منذ أن تولى هذا المدرب منصبه قبل ثلاثة أعوام، إذ لم تتلق الشباك البرازيلية سوى 11 هدفا في آخر 42 مباراة، بينها واحد فقط في كوبا أميركا 2019.

والمشكلة التي يواجهها تيتي، أن عليه إيجاد البديل لكل من تياغو سيلفا والقائد الجديد داني ألفيش الذي اختير أفضل لاعب في البطولة، لأن الأول يبلغ 34 عاما والثاني 36، ما يعني أن مشاركتهما في مونديال 2022 مستبعدة إلى حد كبير، لاسيما بالنسبة للأخير.

وعلى تيتي أن يراقب إيدر ميليتاو (21 عاما) الذي خاض دقائق معدودة في نهائي الأحد، لمعرفة إذا كان يتمتع بالقدرات التي رآها فيه العملاق الإسباني ريال مدريد عندما قرّر انفاق 50 مليون يورو لضمه إلى صفوفه من بورتو البرتغالي بعقد لستة أعوام.

المصدر: وكالات

ذات صلة