غروجان: رأيت الموت أمام عينيّ

“رأيت الموت أمام عينيّ. لا يمكنك أن تمرّ بتجربة كهذه وتبقى الإنسان ذاته”…

… بهذه الكلمات عبّر السائق الفرنسي رومان غروجان في مقابلة لوكالة فرانس برس عن نجاته بأعجوبة من الحادث المروّع الذي تعرّض له في جائزة البحرين الكبرى للفورمولا وان الاحد الفائت.

ويستذكر غروجان بعد خروجه الأربعاء من المستشفى في العاصمة المنامة “تلك الثواني الـ28 بدت وكأنها دقيقة ونصف، ولكنها لم تبدُ طويلة لأنني كنت في حركة دائمة”.

وعانى سائق فريق هاس من حروق في يديه والتواء في الكاحل الأيسر وكدمات في الجانب ذاته من الجسم.

ويقول السائق البالغ 34 عامًا “لم تكن الضربة الأقوى التي عرفتها في مسيرتي الاحترافية، رغم أن قوة التسارع تشير إلى ذلك”.

ويروي الفرنسي بالتفاصيل نجاته “نزعتُ الحزام فورًا وحاولت الخروج من السيارة، أدركت أن خوذتي اصطدمت بشيء ما. جلست مجددًا وقلت لنفسي إنني عالق وسأنتظر وصول أحدهم”.

ويتابع “ولكن إلى يساري، كل شيء كان برتقالي اللون لذا استوعبت أن (السيارة) تحترق. قلت لنفسي: لا وقت للانتظار، سأحاول الخروج عن الجهة اليمنى+، لا جدوى، ولا حتى عن الجهة اليسرى”.

ويؤكّد الفرنسي أنه استذكر حادث النمسوي نيكي لاودا الذي تعرّض له في العام 1976 على حلبة نوربورغرينغ الألمانية وأدى إلى حروق عديدة في وجهه “فكرت في نيكي لاودا بالقول: لا يمكن أن ينتهي بي المطاف هكذا، ليس الآن. لذا حاولت الخروج من جديد ولكن لا جدوى، أجلس مجددًا وأرى الموت، ليس من مسافة قريبة ولكن أمام عينيّ”.

ويتابع بعد صمت وجيز وبصوت مرتجف “إنه شعور لا أتمناه لأحد”.

“سأعيش”

وكان فريق هاس أعلن في بيان صباح الأربعاء أن غروجان غادر المستشفى “في الساعة 10:30 بالتوقيت المحلي (7.30 ت غ)” مشيرًا إلى أن السائق سيواصل “علاجًا خاصًا بسبب الحروق التي تعرض لها في ظهره ويديه وسيبقى في البحرين في الوقت الحاضر”.

ويتابع الفرنسي الذي سيغادر الحظيرة الأميركية نهاية الموسم الحالي “يسترخي الجسم والعضلات والرأس وكل شيء. تساءلت من أين سأبدأ في الاحتراق، إذا كنت سأشعر بالألم، لكنني أعتقد أن لحظات كهذه تسمح للدماغ بتقييم ما يحدث ومحاولة ايجاد الحل”.

وكشف غروجان أن التفكير بأولاده الثلاثة منحه القوة للمحاولة مجددًا “قلت لنفسي إنه لا يمكنني أن أتركهم، من هنا وجدت مصدر القوة لسحب رجلي العالقة، لأدير رأسي، أرفع كتفيّ وأضع يدي في مكان جيد كي أقف وأنا على علم أنهما ستحترقان ولكن لم تكن هناك مشكلة في ذلك”.

ويردف “عندما وضعت قدمي على الجدار الحديدي وخرجت، شعرت بالارتياح، سأعيش. ما من رعب، أحاول تبريد يدي عبر تحريكهما، أنتشل القفازات لأنني لا أريدها أن تلتصق بجلدي”.

ويتابع “يطلب مني الطبيب الجلوس ويحدّثني بهدوء. هذا ما حصل: صرخت بوجهه وقلت له أن يتحدث معي بشكل طبيعي! لا بد أنه قال لنفسه: لن يتغير غروجان أبدًا”.

يبدأ بعدها الشعور بالألم في قدمه اليسرى الذي اعتقد أنها عانت من كسور، لكن غروجان يصر على المشي إلى سيارة الإسعاف. ومع أنه كان “في حالة صدمة، أردت أن تلتقط المروحية هذه الصور ليراني الجميع وأنا أمشي”.

“سيغيّر حياتي إلى الأبد”

ويؤكّد الفرنسي أنه كان “قلقًا على العالم في الخارج” لا على نفسه، حيث كان حريصًا على طمأنتهم أنه بخير لاسيما عائلته.

مع الوصول إلى المستشفى “بدأت أرتجف بقوّة بسبب الألم والصدمة”، قبل أن يصل مواطنه جان تود رئيس الاتحاد الدولي للسيارات (فيا)، حيث اعترف غروجان أن “رؤية وجوه مألوفة لا تقدّر بثمن”.

وبعد أن تمكّن من الحديث مع زوجته، اتبع “إرشادات الأطباء للتعافي بأسرع وقت ممكن” واستشار الطبيب النفسي الذي يتابعه منذ سنوات.

ويؤكّد الفرنسي أنه “في الوقت الحالي، لا تراودني كوابيس أو أفكار أو استرجاع لتلك اللحظة أو خوف، لكن هذا لا يعني أنها لن تعود، ولهذا السبب سنستمر في التحدث عنها”.

ويتابع “ما فرضه علي (الحادث) للمستقبل ليس الخوف من حدوثه مجدّدًا، لكن من أن يمر أحبائي بما مروا به مجددًا. قبل أسبوع، بدت لي الاستراحة لمدة عام مستحيلة”.

ويختم “اليوم، أقول لنفسي أنني أريد ممارسة التزلج الشراعي، سباقات الدراجات الهوائية، رؤية أطفالي، أمضي أوقات جميلة. سيغيّر حياتي إلى الأبد. أنا سعيد لرؤية الجميع، حتى الصحافيين … وأن آكل الهمبرغر، هذا أمر رائع”.

المصدر: وكالات

ذات صلة