مندي من عتمة الكرة الفرنسية إلى أضواء “ستامفورد بريدج”

عندما بدأ مشواره مع رينس الفرنسي موسم 2015-2016، لم يكن الحارس السنغالي إدوار مندي يجرؤ حتى على الحلم بأن ينتقل من اللعب في الدرجة الرابعة إلى أضواء دوري أبطال أوروبا وملعب “ستامفورد بريدج”، لكن الظروف التي فرضها المستوى المتردّي للحارس الإسباني كيبا أريسابالاغا فتحت الباب أمامه.

يتحضّر الحارس السنغالي الفارع الطول (197 سنتم) لمواجهة فريقه السابق رين الأربعاء على ملعب “ستامفورد بريدج” في الجولة الثالثة من منافسات المجموعة الخامسة، طامحاً لمواصلة المستوى المتميّز الذي أظهره بين الخشبات الثلاث في المباريات الأولى له بقميص تشيلسي الذي ضمه في أواخر أيلول/سبتمبر مقابل 22 مليون جنيه استرليني بسبب الأداء السيء لحارسه أريسابالاغا.

أمضى ابن الـ28 عاماً أعواماً طويلة في عتمة الدوريات الفرنسية، بدءاً من الدرجة الثالثة مع شيربورغ (من 2012 حتى 2013) ثم دوري الدرجة الرابعة للهواة مع رديف مرسيليا (2015-2016) ورديف رينس (2016-2017) والدرجة الثانية مع رينس (2016-2017 و2017-2018)، قبل أن ينال فرصة اللعب بين الكبار ودوري الدرجة الأولى مع رينس ثم رين الذي تعاقد معه في آب/أغسطس 2019.

كان السنغالي المولود في فرنسا يمني النفس بأن تكون بدايته مع تشيلسي أفضل من ذلك بعدما فشل في صد أيّ ركلة ترجيحية خلال المواجهة التي خسرها فريقه الجديد ضد جاره توتنهام في مسابقة كأس رابطة الأندية الإنكليزية، لكنه أظهر معدنه الحقيقي بعد ذلك بمحافظته على نظافة شباكه في المباريات الخمس التي خاضها (ثلاث في الدوري المحلي واثنتان في دوري الأبطال).

واستحقّ مندي الإشادة من مدرّبه فرانك لامبارد الذي قال بعد الفوز السبت على بيرنلي 3-صفر في الدوري المحلي: “منذ المباراة الأولى التي خاضها، لعب بشكل جيد، منحنا الأمان وهذا ما ننشده”.

– “تركني في مهب الريح” –

لكن وصول مندي الى الأضواء لم يكن سهلاً على الإطلاق، إذ كان السنغالي قريباً جداً من ترك كرة القدم بعدما خذله وكيل أعماله وتركه من دون وظيفة بعد وعد فارغ بالانتقال إلى فريق في الدرجة الثالثة الإنكليزية.

وفي مقابلة له العام الماضي مع صحيفة “لو باريزيان” الفرنسية، كشف مندي لدى سؤاله كيف انتهى به الأمر عاطلاً عن العمل في قصّة ظهرت مجدّداً إلى العلن بعد انضمامه إلى تشيلسي، إنّ “وكيل أعمالي تركني في مهب الريح، كانت لدي ثقة كاملة به”.

وأوضح: “لقد ضمن لي أني سأوقّع مع ناد في إنكلترا وعليّ أن أتحلى بالصبر بانتظار انتقال حارس من فريق الدرجة الثالثة الذي كنت أعتزم التوقيع معه، لكن مرّ تموز/يوليو، ثم آب/أغسطس، حاولت الاتصال به (الوكيل) لكنه لم يرد”.

وبدلاً من عبور القناة والانتقال من فرنسا إلى إنكلترا في 2014، انتهى الأمر بمندي في مركز التوظيف وسيطر عليه القلق خوفاً من العيش على إعانة البطالة.

سأله أحد الأصدقاء عما إذا كان يريد إدارة متجره للملابس في مدينة لوهافر شمال فرنسا، في النورماندي حيث ولد.

بعدما درس إدارة الأعمال في المدرسة الثانوية، كانت تلك خطوة مهنية مثيرة للاهتمام بالنسبة للسنغالي، لكن مندي كان محظوظاً بما فيه الكفاية لإيجاد طريق العودة إلى كرة القدم.

وقّع الحارس المولود من أم سنغالية وأب من غينيا بيساو، مع مرسيليا في 2015 وقضى موسماً مع الفريق الرديف قبل أن ينضم إلى رينس في الدرجة الثانية، وانطلقت مسيرته مجدداً.

وأصبح مندي الخيار الأول بين الخشبات الثلاث لمرمى رينس حلال موسم 2017-2018 وساهم في قيادته للفوز بلقب الدرجة الثانية والصعود إلى دوري الكبار حيث كان مجدداً أحد أهم ركائز الفريق.

بعدها، تغيرت حياة مندي بانتقاله إلى رين عام 2019 مقابل أربعة ملايين يورو، إذ قاد فريقه الجديد لتحقيق أفضل نتيجة له في الدوري الفرنسي الموسم الفائت بحلوله ثالثاً، ما فتح الباب أمامه للمشاركة في دوري الأبطال للمرة الأولى في تاريخه.

– على خطى بتر تشيك؟ –

لكن السنغالي لم يكمل المغامرة، وقرر اختبار شعور اللعب في أهم مسابقة على صعيد الأندية بقميص فريق آخر اعتاد على أضواء ونشيد دوري الأبطال بشخص تشيلسي المتوّج باللقب القاري عام 2012.

وبعد أسبوع على انتقاله إلى “ستامفورد بريدج”، شاءت الصدف أن تضع قرعة دور المجموعات مندي وتشيلسي في مواجهة فريقه السابق رين الذي يحل ضيفاً على النادي اللندني مع الأمل بتحقيق فوزه الأول، قبل أن يستقبل الـ”بلوز” في الجولة الرابعة المقرّرة في 24 الشهر الحالي.

يأمل مندي أن يحظى بنفس مسيرة الحارس التشيكي بتر تشيك الذي مر برين حيث لعب من 2002 حتى 2004 قبل الانتقال إلى تشيلسي والفوز مع النادي اللندني بكل الألقاب الممكنة، إن كان في الدوري المحلي (4) أو الكأس (4) وكأس الرابطة (3) ودوري أبطال أوروبا (بطل 2012 ووصيف 2008) والدوري الأوروبي (2013).

وإدراكاً منه بأهميّة خطوة الانتقال إلى الدوري الإنكليزي الممتاز وفريق من عيار تشيلسي، قال مدرب رين جوليان استيفان: “على الرغم من خيبة أملي لخسارة حارس مرمى عظيم ورجل عظيم، إلا أني مسرور لحصوله على هذه الفرصة”.

وتابع: “لقد تمت مكافأته على الجهد الذي بذله طوال مسيرته”.

وسيتواجه مندي الأربعاء مع مواطنه الدولي ألفريد غوميس الذي استفاد من إصابة الأول للدفاع عن عرين المنتخب الوطني خلال حملته نحو نهائي كأس الأمم الإفريقية العام الماضي.

لكن أمام غوميز الفارع الطول أيضاً (196 سنتم)، مهمة شاقة طويلة لكي يعوض رحيل حارس من طراز مندي.

المصدر: وكالات

ذات صلة