إسبانيا جديدة بفلسفة “من يستحق سيكون في المنتخب”
على أنقاض منتخب فرض هيمنته القارية والعالمية بين 2008 و2012 بإحرازه كأس أوروبا مرتين وكأس العالم لأول مرة في تاريخه، بدأت إسبانيا مرحلة جديدة يعتمد فيها المدرب العائد لويس إنريكي على تشكيلة تمزج بين عنصري الخبرة والشباب وستكون في مواجهة أوكرانيا الثلاثاء في دوري الأمم الأوروبية.
حين تم تقديم إنريكي كمدرب جديد للمنتخب الوطني في تموز/يوليو 2018 بعد خيبة الخروج من ثمن نهائي مونديال روسيا ذلك الصيف، قال نجم وسط ريال مدريد وبرشلونة السابق “لن تكون هناك ثورة، لا أحب هذه الكلمة. يجب أن يكون هناك بالتأكيد تطور معين وتغييرات”.
استلم إنريكي في حينها منتخبا في أدنى مستوياته بعد الخيبة التي عاشها في مونديال روسيا 2018 وكأس أوروبا 2016 التي خرج فيها من ثمن النهائي أيضا.
في تشكيلته الأولى، أبقى إنريكي على وجوه مثل لاعب وسط أتلتيكو مدريد كوكي أو ظهير برشلونة جوردي ألبا خارج المنتخب ضمن فلسفة “من يستحق سيكون في المنتخب”.
واعتمد إنريكي على لاعبين جدد مروا بالمنتخبات الإسبانية للشباب، وذلك ضمن مسعاه لجعلهم نواة “لا روخا” في المستقبل القريب.
أحلام جديدة
بالنسبة لصحيفة “آس” الرياضية فإن لاعبين مثل “تشافي، إنييستا، تشابي (ألونسو)، بويول، فيا أو توريس، يشكلون ذكرى رائعة، لكنهم ليسوا المرآة التي يجب أن ننظر فيها دائما الى أنفسنا. إسبانيا هذه بحاجة الى تحقيق أحلام جديدة”.
صحيح أن إنريكي أبقى على لاعبي خبرة مثل قلب الدفاع سيرخيو راموس (174 مباراة دولية و23 هدفا) أو لاعب الوسط الدفاعي سيرجيو بوسكتس، لكنه وضع حولهما مجموعة كبيرة من اللاعبين الشبان في المباريات الأولى له بعد العودة الى المنتخب إثر ابتعاد قسري نتيجة إصابة ابنته تشاني بالسرطان ومن ثم وفاتها في آب/أغسطس 2019 عن تسعة أعوام.
ولم تكن التجربة سيئة حتى الآن، إذ تعادل “لا روخا” مع ألمانيا (1-1 في دوري الأمم) والبرتغال بطلة أوروبا (صفر-صفر وديا) وفاز على خصمته المقبلة أوكرانيا (4-صفر في دوري الأمم) وسويسرا (1-صفر في دوري الأمم).
وبالإضافة الى ظاهرة برشلونة أنسو فاتي (17 عاما)، يبدو إريك غارسيا (19)، باو توريس (23)، سيرخيو ريغيلون (23)، فيران توريس (20) وآداما تراوري (24) قادرين على إثبات أنفسهم بقميص “لا روخا” مع مرور الوقت.
ورأت صحيفة “ماركا” أن آداما، مثل ريغيلون، إريك غارسيا، ميكيل ميرينو، أنسو فاتي، فيران توريس… هم الحاضر وليس المستقبل. على الفريق الجديد أن يُبنى حولهم ولويس أنريكي يعرف هذا الأمر”.
من الواضح أن إنريكي يعرف إمكانات هؤلاء الشباب: “هناك الكثير من اللاعبين الشباب الذين يتمتّعون بقدرة طبيعيّة وفطرية على لعب كرة القدم الاحترافية وهدفنا هو أن يكونوا في المنتخب لأعوام عديدة”.
التخلّي عن “تيكي تاكا” إذا لزم الأمر
وبعيدا عن اللاعبين، يُظهر إنريكي بدوره إنه قادر أيضا على تغيير سيناريو المباراة، والتخلّي إذا لزم الأمر عن فلسفة الاستحواذ على الكرة والتمرير التي تعرف بـ”تيكي تاكا” والتي قادت إسبانيا الى المجدين القاري والعالمي، والاعتماد على اللعب المباشر والأكثر عمودية.
ضمن هذه الرؤية الاستراتيجيّة الغريبة الى حد ما عن “لا روخا”، يملك فاتي وتراوري الصفات التي تخولهما فك دفاعات الخصم حين تبدو المباراة مغلقة أمام لاعبي إنريكي، حتى وإن لم يظهرا ذلك في المباراة الأخيرة السبت ضد سويسرا في ضواحي مدريد (1-صفر).
وقال إنريكي الجمعة عشية اللقاء ضد سويسرا في الجولة الثالثة من دوري الأمم الأوروبية إنه “سعيد بالفريق الذي أملكه، بوجود الاحتمالات العديدة التي يقدمها لي مختلف اللاعبين. بإمكاني استخدام خطط وطرق مختلفة للعب”، مع التشديد أن هدف إسبانيا الدائم هو أن تكون الكرة في حوزتها.
في الوقت الحالي، تصب النتائج في صالح الفلسفة المعتمدة من قبل المدرب، إذ تتصدر إسبانيا مجموعتها الرابعة بسبع نقاط من فوزين وتعادل، وبفارق نقطتين أمام ألمانيا الثانية، وهذا مؤشر جيد جدا ضمن المسار التحضيري لخوض نهائيات كأس أوروبا التي أرجئت من هذا الصيف لعام حتى 2021 بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، على أن أن يكتب الشبان تاريخا جديدا لمنتخب “لا روخا”.
المصدر: وكالات