“ألتراس ألمانيا” يتّحدون في مواجهة جائحة كورونا

لم يكن مشجّعو شتوتغارت يتوقّعون بأن تكون مباراة فريقهم مع أرمينيا بيليفيلد وهو أحد المنافسيين الجديين للعودة إلى مصاف نخبة البوندسليغا، الأخيرة قبل تعليق المنافسات بسبب تفشي فيروس كورونا.

وبعد التاسع من آذار/مارس (تاريخ مواجهة الفريقين) بأسبوع، اتخذ القرار بتعليق كافة الأحداث الرياضية في البلاد، لينتقل اهتمام المشجّعين المتشدّدين “ألتراس” نحو الاعتناء بكبار السن والأشخاص المحتاجين في هذه الأزمة الصحية الناجمة عن خصم جديد مكروه من الجميع أطلق عليه أحد الأندية اسم “إف سي كورونا كوفيد-19”.

وأفاد كليمنس كنويدلر، من مجموعة المشجّعين “شوابنستورم”، وكالة فرانس برس أن “الكثير من الناس على استعداد لوضع كبريائهم جانبا والتعاضد من أجل مساعدة المجتمع”، كاشفا “في الأسبوع الذي تلا مباراة بيليفيلد، بدا واضحا أن شيئا ما سيتغير. التقينا وسألنا أنفسنا عما سنفعله”.

وعلى غرار مجموعات أخرى من المشجّعين في جميع أنحاء البلاد، قرر كنويدلر وزملاؤه أن يحشدوا الدعم لمجتمعهم المحلي.

وبعد أن دأب على قيادة الآلاف من مشجّعي شتوتغارت من أجل مؤازرة فريق كرة القدم الذي غادر الموسم الماضي البوندسليغا للمرة الثانية فقط منذ عام 1977، أصبح كنويدلر مسؤولا الآن عن إدارة عمل قرابة 80 متطوعا من أجل شراء البقالة والأدوية لأولئك غير القادرين على مغادرة منازلهم.

نشأ المشروع في غضون أيام قليلة، ويطال الآن ست مناطق مختلفة في شتوتغارت والمنطقة المحيطة بها.

بالنسبة لكنويدلر “نحن نفعل ذلك من أجل مدينتنا ومنطقتنا. هذا جزء من فهمنا الذاتي كـ+ألتراس+، بأننا على استعداد للمساعدة حيث نستطيع”.

تشتهر مجموعات الـ “ألتراس” بدعمها الشرس واحتجاجاتها العدائيّة داخل الملعب، وتعتبر الواجهة المنظمة لثقافة التشجيع الشهيرة في كرة القدم الألمانية.

في وقت سابق من هذا العام، انتقدت مجموعات المتشدّدين بسبب مهاجمتها مالك نادي هوفنهايم ديتمار هوب الذي نُعِتَ بألفاظ نابية في الملاعب بجميع أنحاء البلاد، في تصرّف وصفه آنذاك المدير التنفيذي لبايرن ميونيخ كارل هاينتس رومينيغه بـ “الوجه القبيح” لكرة القدم، لكن في الأسابيع الأخيرة أظهرت هذه المجموعات وجها مختلفا تماما.

وقام مشجّعون لأندية كبرى مثل بوروسيا دورتموند وشالكه بخدمات توصيل تطوعية مماثلة للتي حصلت في شتوتغارت، في حين دعا مشجعو بايرن ميونيخ الى التبرع لبنوك الطعام.

ورأى كنويدلر في حديثه لوكالة فرانس برس أن الهياكل المتماسكة للمشجّعين الـ “ألتراس” تسهل التنظيم في أوقات الأزمات.

منذ عام 2013، قدّمت مجموعته تبرعات سنوية لقضايا محلية مثل جمعية خيرية للأطفال ومركز للمشردين بحسب ما أفاد، موضحا “نحن نعلم أننا قادرون على تحقيق أشياء معقّدة نسبيا في فترة زمنية قصيرة. في ما يتعلق بقضايا مثل الإنتاج المتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي، العناوين الهاتفية وطباعة المنشورات… لدينا مجموعة من الأشخاص يمكن الاعتماد عليهم”.

ورغم ذلك، أقرّ بأن الحجم الهائل لشبكة المتطوعين التي بنوها في الأسابيع القليلة الماضية تشكل “أرضية جديدة” لمجموعته.

في أماكن أخرى من ألمانيا، قدّم مشجّعو كرة القدم مساهمات أيضا، وإن كانت أصغر، ضمن جهود مكافحة فيروس “كوفيد-19”.

وفي أنحاء البلاد، علقت مجموعات الـ “ألتراس” لافتات خارج المستشفيات ومحلات السوبر ماركت.

وبعدما كانت تستخدم عادة للاحتجاجات السياسية أو إهانة الفرق المنافسة، تحمل اللافتات الآن رسائل دعم للعاملين في الخطوط الأماميّة للأزمة، على غرار لافتة خارج مستشفى أوسنابروك كُتِبَ عليها “أنتم أبطال!”.

وتعاضد مشجّعون آخرون لإنقاذ فرقهم من الدمار المالي الوشيك، حيث تكافح الأندية في ظلّ الخسائر الناجمة عن توقّف عائدات المباريات والنقل التلفزيوني.

ففي دوري الدرجة الثالثة، حثّت مجموعة الـ “ألتراس” لنادي هانزا روستوك المشجعين على شراء البضائع الرسمية في محاولة لتعزيز المردود المالي للنادي، في حين منح فريق الدرجة الأولى أونيون برلين مشجّعيه فرصة شراء مشروبات ونقانق افتراضية عبر الإنترنت، وهي فكرة طبقتها أيضا أندية أخرى.

وذهب بي أف سي دينامو، الجار اللدود لأونيون برلين، إلى أبعد من ذلك، إذ قام فريق الدرجة الرابعة ببيع تذاكر لمباراة خياليّة ضدّ “النادي الأكثر كُرهاً في ألمانيا”، وهو ليس سوى “أف سي كورونا كوفيد-19”.

المصدر: وكالات

ذات صلة