التحديات المتوقّعة أمام الإرجاء المحتمل للأولمبياد

بات احتمال تأجيل دورة الألعاب الأولمبيّة الصيفية المقررة هذا العام في طوكيو، مطروحا من قبل المنظّمين ومطلباً ملحاً للرياضيين، في خطوة ستشكل سابقة من نوعها خارج زمن الحرب، ويرجح أن تسبب تداعيات اقتصادية هائلة بعد أعوام التحضير.

واعتبر رئيس اللجنة الأولمبيّة الدوليّة الألماني توماس باخ أن “إرجاء الألعاب الأولمبية ليس كتأجيل مباراة كرة قدم إلى السبت المقبل”.

في ما يأتي عرض لأكبر التحديات التي يواجهها تأجيل الأولمبياد المقرّر بين 24 تموز/يوليو والتاسع من آب/أغسطس:

إعادة جدولة المنافسات

وصف موقع “انسايد ذا غايمز” الإلكتروني الرياضي الألعاب الأولمبيّة بأنها “تتمحور حول دورة تقام كل أربعة أعوام. إذا استيقظت يوما ما والشمس في مكان مختلف تماما، ستكون هناك تداعيات حتما”.

في تبريره لعدم اتخاذ قرار تأجيل الألعاب من الآن، أوضح باخ أن خطوة كهذه كانت ستعني حكما عدم إمكان تحديد موعد جديد، نظرا للتعديلات الضخمة والنقاشات الواسعة المطلوبة قبل القيام بذلك.

إقامة الأولمبياد في 2021 كما هو مطلوب من أطراف رياضية عدة، ستكون بمثابة كابوس بالنسبة الى الرياضيين ومالكي حقوق البث التلفزيوني، نظرا لأن هذا العام يتضمن أساسا مواعيد رياضية عدة.

وفي حال أرجئت الألعاب إلى الصيف المقبل، قد تتعارض مع بطولة العالم لألعاب القوى المقرّرة في الولايات المتحدة في شهر آب/أغسطس.

كما من المقرّر إقامة بطولة العالم للسباحة في اليابان بين 16 تموز/يوليو والأول من آب/أغسطس 2021. كما أن بطولتي كأس أوروبا وكوبا أميركا لكرة القدم كانتا مقررتين في صيف 2020 وأرجئتا إلى صيف العام المقبل على خلفيّة تفشي فيروس كورونا المستجد.

واقترح العداء الأميركي السابق كارل لويس المتوّج بتسع ذهبيات أولمبية، إقامة الألعاب الصيفيّة في 2022، العام نفسه الذي من المقرّر أن تقام فيه دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في العاصمة الصينية بكين.

يشار إلى أن 2022 هو أيضا عام حدث رياضيّ أساسيّ هو نهائيات كأس العالم لكرة القدم، والتي ستقام في أواخر السنة في قطر.

الملاعب والمنشآت

ستقام الألعاب في 43 منشأة أولمبيّة، بعضها مؤقت، وبعضها بني خصيصاً للحدث، والآخر سيعاد استخدامه لأغراض مختلفة بعد الدورة، وكلّها ستواجه تحديات صعبة في حال التأجيل.

وسلّطت اللجنة الدولية الضوء على هذه المسألة وحذرت أن “عدداً من المنشآت التي نحتاج إليها للألعاب قد لا يكون متاحاً” بحال التأجيل.

على سبيل المثال، من المقرّر أن تتحوّل إحدى نقاط بيع التذاكر الرئيسية للملعب الأولمبي الجديد الذي يتسع لـ68 ألف مشجع، إلى مكان لإقامة “فعاليّات ثقافية ورياضية” عند انتهاء الأولمبياد. لذا سيتحتّم نقل أيّ حدث مقرّر فيها، إلى مكان آخر بحال تزامَن مع موعد جديد للألعاب.

ولا يقتصر الأمر على المنشآت الرياضية، إذ حجز المنظّمون مركز معارض ضخم في طوكيو لتحويله إلى المركز الصحافي الذي يتوقع ان يستخدمه الآلاف خلال تغطيتهم الحدث العالمي.

ويعتبر مركز “بيغ سايت” من الأضخم في آسيا، ويستضيف مؤتمرات وفعاليات كبيرة، وعادة ما يكون محجوزاً قبل أشهر. وسيكون تعديل موعد حجزه من أجل الألعاب الأولمبيّة، أو إقناع من سبق لهم حجزه بالانتقال إلى مكان آخر (بحال تعارض الموعدين)، تحديا كبيرا للمنظّمين.

القرية الأولمبية

تدور أسئلة كثيرة حول مصير القرية الأولمبيّة المقامة على عقارات غالية مطلة على خليج طوكيو وناطحات السحاب وجسر “قوس قزح” الشهير.

تضم القرية 21 مبنى مؤلفاً من 14 إلى 18 طابق بسعة إجمالية تبلغ 18 ألف سرير خلال الألعاب الأولمبية وثمانية آلاف للألعاب البارالمبية.

وكان المخطّط يقتضي إعادة تأهيل القرية وتحويلهاإلى آلاف الشقق الخاصة الفخمة وعرضها للبيع أو الايجار.

وطُرحت الدفعة الأولى المؤلّفة من 940 شقة للبيع بداية صيف العام 2019، وقد تم بيع القسم الأكبر منها، بحسب ما تفيد التقارير الصحافية اليابانية.

وبحال تأجيل الألعاب، سيضطر المنظّمون لتأجيل أعمال التأهيل، وتاليا تأخير تسليم الشقق للشراة الذين سبق لهم توقيع عقود.

الفنادق

من بين التحديات “الكثيرة ” التي ذكرتها اللجنة الدولية هي حجوزات الفنادق التي كلفت الملايين والتي سيكون “من الصعب جداً معالجتها”.

قبل تفشي فيروس كورونا المستجد، ساد قلق في اليابان من عدم توافر غرف كافية في الفنادق للذين سيحضرون لمتابعة الألعاب، وتم اقتراح رسو سفينة سياحية واستخدامها كفندق عائم. لكن يبدو أن هذه الفكرة باتت مستبعدة لا سيما بعد تسجيل إصابة أكثر من 600 شخص على متن سفينة “دايموند برينسس” السياحية بفيروس “كوفيد-19″، ووضع أكثر من ثلاثة آلاف شخص في الحجر الصحي على متنها لأسابيع عدة.

تم حجز العديد من الغرف الفندقية قبل أشهر عديدة حيث دفع الكثيرون مبالغ طائلة كدفعة أولى قد يخسرونها، إضافة إلى اضطرارهم لإعادة الحجز مجدّدا في حال تم إرجاء الألعاب.

وسيواجه القطاع الفندقي أزمة كبيرة في حال أرجئ الأولمبياد، علما بأنه يعاني أصلا من تراجع الحجوزات بسبب الانخفاض الحاد في أعداد السياح على خلفية تفشي فيروس “كوفيد-19” الذي أودى بحياة أكثر من 15 ألف شخص، وتسبب بفرض قيود واسعة على حركة التنقل والسفر.

هل من جانب إيجابي؟

إرجاء الأولمبياد لأشهر قليلة وتحديدا إلى أواخر العام 2020 قد يحل معضلة شكلت مصدر قلق كبيرا في دورة طوكيو، وهي الطقس الحار الذي تشهده البلاد في الصيف.

وقد يتيح ذلك إعادة سباق الماراتون الى العاصمة اليابانية بعدما تم نقله إلى مدينة سابورو الشمالية ذات الطقس الأكثر اعتدالا، خوفا من تأثير الحر الشديد والرطوبة العالية على سلامة العدائين.

وسيمنح إرجاء الألعاب الاتحادات الرياضيّة حول العالم الوقت للتحضير للدورات التأهيليّة والتصفيات، وهو أمر شكّل مصدر قلق للعديد من الرياضيين كونهم غير قادرين على التدرب في ظروف طبيعية.

المصدر: وكالات

ذات صلة