كورونا تفرض تحديات معقّدة على الميركاتو الصيفي

بدأت أزمة فيروس كورونا المستجد التي جمّدت المنافسات الرياضيّة عالميا، تلقي بظلالها على فترة الانتقالات الصيفية المقبلة في كرة القدم الأوروبيّة، في ظلّ عدم وضوح يخشى أن يتسبب بالحد من الصفقات.

وبينما تجد السلطات الكرويّة القاريّة والمحليّة نفسها أمام معضلة البحث عن مخرج لاستئناف الموسم، وغياب أيّ موعد لذلك في ظلّ الوضع غير المعروف لتطوّر فيروس “كوفيد-19″، سيكون الجميع أمام احتمال تأخّر انطلاق المنافسات، أو امتداد موسم 2019-2020 لأطول من موعده المعتاد (أواخر أيار/مايو)، ما يطرح علامات استفهام بشأن فترة الانتقالات التي ينتظرها اللاعبون والأندية كل صيف.

انتقالات أقل من وجهة نظر الأندية

حتى الآن، يبقى من المستبعد أن تعمد البطولات المحليّة إلى إلغاء الموسم بالكامل.

مهّد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) الطريق أمام استكمال المواسم المحلية من خلال تعليق مسابقتي الأندية (دوري الأبطال و”يوروبا ليغ”)، وإرجاء نهائيات كأس أوروبا إلى صيف 2021، مانحا بذلك البطولات الوطنية الوقت الكافي لاستكمال منافساتها المعلّقة حاليا.

وبحسب دراسة لشركة “كاي بي أم جي”، سيكبّد إلغاء الموسم البطولات الخمس الكبرى (ألمانيا، فرنسا، إسبانيا، إنكلترا وإيطاليا) خسائر قد تصل الى أربعة مليارات يورو، ناتجة بالدرجة الأولى عن عائدات حقوق البث التلفزيوني، إضافة الى إيرادات المباريات والتسويق.

لكن حتى في ظلّ عودة كرة القدم إلى المستطيل الأخضر، تخشى الأندية أن قدرتها على الانفاق لتعزيز صفوفها ستكون صعبة ومحدودة في فترة الانتقالات (التي عادة ما تكون بين نهاية موسم وبداية آخر).

ويقول برنار كايازو، رئيس نادي سانت اتيان الفرنسي ونقابة أندية دوري النخبة الفرنسي، “في حال لم نعاود اللعب، الخسائر ستكون كبيرة الى درجة أنّ المركاتو (فترة الانتقالات) لن يعود قائما! (…) البطولات التي عادة ما تقدّم على شراء اللاعبين، لن تقوم بذلك على الإطلاق”.

وفي حين أن هذا التقييم يبقى مرتبطا بعوامل عدة، يتوقّع أن تكون الكلفة أكبر على أندية الدرجات الثانية وما دون.

لكن حتى في الدرجات الأولى، يتوقّع أن تتسبّب محدودية سوق الانتقالات المقبلة، بضرر أكبر لدى الأندية التي غالبا ما تعمد إلى تطوير لاعبين ناشئين وتنمية مواهبهم، قبل بيعهم لأندية أكبر لقاء مبالغ مالية كبيرة.

وعلى سبيل المثال في فرنسا، تخلّى نادي موناكو في صيف 2017 عن المهاجم الشاب كيليان مبابي لمصلحة باريس سان جرمان، في صفقة قدرت قيمتها بـ180 مليون يورو، ما جعل منه ثاني أغلى لاعب في العالم.

وبحسب نائب رئيس موناكو الروسي أوليغ بتروف، فإن “فيروس كورونا المستجد لا يساعدنا في مسعى كهذا (…) بسبب الوضع العالمي، ستكون الأندية أقل ميلاً لتسديد المبلغ الذي نطلبه”.

معضلة أخرى بدأت تؤرق المعنيين، وهي احتمال امتداد الموسم لما بعد تاريخ 30 حزيران/يونيو، وهو الموعد الذي تنتهي فيه عقود العديد من اللاعبين، أكانت تعاقدا ثابتا أو تعاقدا على سبيل الإعارة من نادٍ آخر.

وبحسب يوهان-ميكايل مانكي، المحامي الألماني المتخصص بحقوق العمل للاعبي كرة القدم في ألمانيا، “يمكن للاعبين، من وجهة نظر قانونية، أن يرحلوا عن النادي” حتى وإن كان الموسم متواصلا.

وبشأن امكان تمديد العقود، يوضح مانكي “بحسب قانون العمل، لا يمكن للنادي القيام بذلك بشكل أحادي” أو جماعي، بل عليه الاتفاق مع كلّ لاعب على حدة.

ولاحظ الاتحاد الدولي (فيفا) المنظّم للانتقالات، احتمال بلوغ هذه المرحلة، وأعلن انه يراقب الوضع، وشكّل مجموعة عمل لدراسة “الحاجة لإجراء تعديلات أو استثناءات مؤقّتة (…) وتعديل فترات تسجيل اللاعبين”.

وأوضح مصدر معنيّ بقوانين كرة القدم لفرانس برس، أن هذه المجموعة “ستعمل على الأسئلة المرتبطة بالانتقالات وأيضا عقود الإعارة. يجب تخفيف القوانين وأن يبذل كلّ الأطراف المعنيون جهودا أيضا، ومنها تمديد فترات الإعارة ليتمكّن اللاعبون من إنهاء الموسم بعد استئناف البطولات”.

بطالة وقلق

بدأت أندية عدّة لاسيما في فرنسا، تطبق في ظل تعليق المنافسات، نظام “البطالة الجزئية”، أي باقتطاع نسبة من راتبهم الصافي الشهري.

وفي حين أن إجراء من هذا النوع قد لا يؤثر كثيرا على اللاعبين الذين تربطهم عقود طويلة الأجل بأنديتهم، لكنه – إضافة إلى المخاوف بشأن فترة الانتقالات الصيفية – يثير قلق اللاعبين الشبان أو الذين تنتهي عقودهم هذا الصيف.

وبحسب الوكيل دافيد فانديتيلي “اللاعبون الشبان الذين باتوا على مشارف نهاية عقودهم، اللاعبون الطامحون (…) يواجهون مشكلة”، مضيفا “العائلات بدأت تقلق. هذه ظروف انتظار للاعبين”.

ويتوقّع وكيل آخر هو فريدريك غيرا “ارتفاع نسبة البطالة في أوساط اللاعبين”، أو رفض الأندية “تمديد عقودهم” بحال أرادوا تحسين شروطهم.

ويحذّر المحامي ميشال بوتو من لجوء الأندية الى اعتبار فيروس “كوفيد-19” من ضمن “الظروف القاهرة” التي تجيز لها قانونا فسخ العقود.

دور الوكلاء

مصادر القلق المذكورة آنفاً، قد لا تطال اللاعبين المصنفين في خانة النجوم، والذين غالبا ما تربطهم بأنديتهم عقود معقدة، ويقف خلفهم وكلاء أعمال محنكون يعرفون كيفية الحفاظ على مصالحهم حتى في الأوقات الصعبة.

من هؤلاء، الهولندي-الايطالي مينو رايولا المرتبط بأكثر من لاعب معروف، مثل الفرنسي بول بوغبا (مانشستر يونايتد الإنكليزي) والنروجي الشاب ارلينغ هالاند (بوروسيا دورتموند الألماني).

وبعد التقارير على مدى الأشهر الماضية عن احتمال انتقال بوغبا الى ريال مدريد الإسباني، بدا رايولا وكأنه يعد لـ”موسم” الصيف دون التأثر بفيروس كورونا. وهو الذي قال مؤخّرا في مقابلة مع صحيفة “ماركا” الإسبانية “آمل في أن أتمكّن يوما ما، من أن أنقل لاعبا هائلا إلى ريال مدريد (…) أريد أن أنقل لاعب كرة قدم كبيرا، وأريد أن أحاول القيام بذلك هذا الصيف”.

بالنسبة إلى الوكلاء الأقل شهرة مثل غيرا، “كلّ الملفات التي نناقشها هي حاليا في فترة ترقب”، وهو ما يعقد دور الوسطاء في فترة من عدم اليقين.

ويضيف “الوكلاء سيعانون بالتأكيد من تراجع عائداتهم”، مرجّحا أن يضطروا “للقيام بتنازلات لإبقاء النشاط في فترة الانتقالات الصيفية”.

ويقول فانديتيلي بحسرة “لا يتوافر أمامنا أيّ مجال للرؤية” حيال المستقبل.

المصدر: وكالات

ذات صلة