نجاحات عربيّة ملفتة في عام 2019

شهد عام 2019 نقلة لافتة في الرياضة العربية لاسيما كرة القدم، حيث عزّز نجوم موقعهم على الساحة العالمية، بينما برزت أنديتها بحصدها الألقاب القارية الأربعة في إفريقيا وآسيا، ودول على صعيد الألقاب واستضافة مواعيد عالميّة بارزة.

أبرز الأسماء بلا منازع بقي المصري محمد صلاح الذي عزّز مكانته مع فريقه ليفربول الإنكليزي، بمساهمته الأساسيّة في قيادته إلى لقبه السادس في مسابقة دوري أبطال أوروبا، والأول منذ 2005.

ويبدو صلاح مع زملائه مثل السنغالي ساديو مانيه والبرازيلي روبرتو فيرمينو، وبقيادة المدرب الألماني يورغن كلوب، أقرب من أي وقت مضى لتحقيق لقب طال انتظاره ثلاثة عقود في بطولة الدوري الإنكليزي.

وأبى صلاح (27 عاماً) الذي يخوض موسمه الثالث مع الفريق الأحمر، في أن ينهي العام بأقل من لقب غير مسبوق لناديه، بتتويجه بطلاً لمونديال الأندية في النسخة السادسة عشرة التي استضافتها قطر.

اختير النجم المصري أفضل لاعب في البطولة، بعدما ساهم في فوز فريقه على مونتيري المكسيكي 2-1 في نصف النهائي، وعلى فلامنغو البرازيلي 1-صفر في الوقت الإضافي للمباراة النهائية.

ما اختلف في 2019 أن صلاح بدأ برفع الكؤوس مع الفريق الذي يمضي عامه الرابع في عملية إعادة بناء شرع بها كلوب منذ توليه الإدارة الفنية في 2015: دوري الأبطال، كأس السوبر القارية، ومونديال الأندية.

في موسم 2019-2020، سجل صلاح حتى الآن 13 هدفاً في 24 مباراة خاضها مع الفريق في مختلف المسابقات، علماً بأنه ابتعد لفترة وجيزة عن تشكيلته بسبب إصابة على مستوى الكاحل.

أشاد به كلوب مراراً، لاسيما في مونديال الأندية عندما أجاب بنفي واستغراب على سؤال صحافي عن عدم تقديم اللاعب مستواه المعهود، ومؤكداً أنه “لاعب مهم جداً” في الفريق في أي أمر يقوم به.

النقطة السلبية الوحيدة لصلاح كانت الخروج المبكر مع المنتخب من بطولة كأس الأمم الإفريقية التي استضافتها مصر هذا الصيف، وذلك بهدف متأخر على يد جنوب إفريقيا في الدور ثمن النهائي.

ترقب المصريون الموعد على أمل أن يقودهم صلاح إلى لقب منتظر منذ 2010. لكن نجم ليفربول لم يتمكن بمفرده من حمل عبء توقعات نحو 100 مليون مواطن، لاسيما وأن المنتخب انشغل بأمور شتى خارج نطاق الملعب، خصوصاً قضية اللاعب عمرو وردة واستبعاده عن المنتخب على خلفية تهم “تحرش” وجهت إليه، قبل عودته بضغط من اللاعبين.

الجزائر على عرش إفريقيا

لكن البطولة الإفريقية شهدت بروز نجم آخر تعرفه الملاعب الإنكليزية جيداً هو الجزائري رياض محرز الذي قاد بجدارة منتخب محاربي الصحراء إلى زعامة الكرة القارية للمرة الثانية في تاريخهم والأولى منذ 1990.

قدّم محرز ورفاقه مثل إسماعيل بن ناصر (أفضل لاعب في البطولة) وبغداد بونجاح ويوسف البلايلي والحارس رايس مبولحي، أداء شبه مثالي من البداية إلى النهاية تحت راية المدرب الفذ جمال بلماضي.

أعاد الأخير الثبات والاستقرار إلى تشكيلة تزخر بالمواهب لكنها عانت من مشاكل شتى منذ بلوغ الدور الثاني في مونديال البرازيل 2014.

عادت الجزائر إلى سابق عهدها في 2019، وستبقى اللحظة العالقة في الأذهان، الركلة الحرة التي نفذها محرز في الثواني القاتلة من نصف النهائي ضد نيجيريا، ومنح من خلالها بلاده هدف الفوز 2-1، والتأهل إلى النهائي لملاقاة السنغال والتغلب عليها 1-صفر.

رفع المنتخب كأساً حملت فرحة كبيرة للجزائريين في خضم احتجاجات سياسية تشهدها البلاد منذ أشهر، وشغل محرز باقتدار مركزه كقائد ومحترف قادر على حمل الفريق على كتفيه متى تطلّب الأمر ذلك.

بعد عودته إلى إنكلترا لمحاولة المساهمة في إحراز فريقه مانشستر سيتي لقب الدوري الإنكليزي الممتاز للموسم الثالث توالياً، حظي ابن الثامنة والعشرين بإشادة مدربه الإسباني جوسيب غوارديولا الذي قال إنه “لاعب موهوب. يتمتع بأمر مميز هو رؤيته على مقربة من منطقة الجزاء”.

وتابع “ما يعجبني لدى رياض هو أنه يحب كرة القدم. هو أول من يصل إلى التمرين وأول من يمسك الكرة ويحاول اللعب بها. هذا يعني الكثير”.

سجل الجزائري هذا الموسم ستة أهداف في 22 مباراة مع فريقه، وتميز بتوفير 10 تمريرات حاسمة لزملائه.

الترجي والهلال

محرز هو ابن منطقة شمال إفريقيا التي قدمت إلى القارة في الموسمين الأخيرين بطل دوري الأبطال الترجي التونسي.

رفع الفريق بقيادة مدربه معين الشعباني لقب 2017-2018 على حساب الأهلي المصري، وكرّر ذلك هذا العام على حساب الوداد البيضاوي المغربي، في دور نهائي أثار جدلا بسبب تقنية المساعدة بالفيديو “في ايه آر”، واستدعى قراراً من الاتحاد القاري (كاف) لحسم هوية البطل بعد توقف مباراة الإياب في تونس وانسحاب لاعبي الفريق المغربي منها.

مضى الترجي بتشكيلة فقدت العديد من ركائزها، إلى مشاركته الثانية في كأس العالم للأندية، حيث اكتفى بإحراز المركز الخامس للعام الثاني توالياً، وذلك بفوز ساحق على السد القطري المضيف بنتيجة 6-2.

كان النادي التونسي الذي يحتفل هذا العام بمئويته، قريباً من حلم بلوغ المباراة نصف النهائية، لكنه تعثر للمرة الثالثة وبهدف وحيد، عند عتبة المباراة الأولى في الدور الثاني، والتي جاءت هذه المرة أمام الهلال السعودي العائد بعد نحو عقدين من الزمن إلى زعامة الكرة الآسيوية.

فرض فريق العاصمة الرياض نفسه كبير آسيا هذا العام، معوّلا بشكل أساسي على تكتيك مدربه الروماني رازفان لوشيسكو، ومهاجمه الفرنسي بافيتيمبي غوميس هداف دوري الأبطال وأفضل لاعبيه للموسم المنصرم.

محطّات وبطولات

قدّم الهلال أداء مشرّفا في مونديال الأندية، وكاد أن يحقق مفاجأة العبور إلى المباراة النهائية بعدما أنهى الشوط الأول لنصف النهائي أمام فلامنغو متقدما بهدف نظيف، قبل أن يتلقى ثلاثة في الشوط الثاني.

كانت هذه البطولة التي استضافتها قطر للمرة الأولى، تجربة اختبارية للبلد الذي يستعد لتنظيم نهائيات كأس العالم 2022. لعامين متتاليين، ستستضيف الدولة الخليجية بطولة الأندية قبل انتقالها في 2021 إلى الصين والصيغة الجديدة بمشاركة 24 فريقا بدلا من سبعة حالياً.

رأت قطر في هذه التجربة اختبارا أظهر إيجابيات على صعيد تحضيراتها للبطولة الأكبر التي ستحضر للمرة الأولى إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد ثلاثة أعوام، مع تبقي أمور يجدر العمل على تحسينها.

مونديال الأندية أتى بعد أسابيع من محطة أخرى أساسيّة في الدوحة تمثلت بالنسخة الرابعة والعشرين من كأس الخليج، والتي لفتت فيها هذا العام مشاركة السعودية والامارات والبحرين التي أحرزت اللقب للمرة الأولى، في خطوة كانت بمثابة فتح كوة صغيرة في جدار الأزمة الدبلوماسيّة المتواصلة منذ منتصف 2017 بين قطر وجيرانها الثلاثة.

لكن المنتخب العنابي فشل في تكرار الإنجاز الذي بدأ به العام، عندما توّج بلقب كأس آسيا 2019 على أرض الإمارات التي استضافت باقتدار النسخة الأكبر من البطولة القارية بمشاركة 24 منتخبا للمرة الأولى.

التفوّق العربي زكَّاه فريقاً الزمالك المصري والعهد اللبناني بتتويجهما بلقب مسابقة كأس الاتحاد في القارتين السمراء والصفراء.

المصدر: وكالات

ذات صلة